نصحة خاصة للمشرفين والمشتركين بمواقع ومجموعات التواصل الاجتماعي
( صوتية وتفريغ )
سؤال الفتوى
هذا سؤال ورد من أحد إخواننا المشرفين على بعض المجموعات، مجموعات التَّواصل وفَّقنا الله وإياه لما يحب ويرضاه وجميع المسلمين، يقول:
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حيَّاك الله شيخنا الكريم
بعد إذنك ممكن ترسل لنا موعظة ونصيحة ثمينة خاصة بمجموعات التَّواصل الاجتماعي، وتكون رسالة للمشرفين قبل المشتركين تتضمَّن:
عدم التَّذكير بالعبادات باستمرار ليلًا ونهارًا، الأذكار، الأدعية، صلاة الضُّحى، الأيام البيض، صوم الاثنين والخميس، الإشراقات التي تبدأ بصباح الخير قبل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعضها يتضمَّن تأملات، تذكير بالعبادات، استعمال آيات القرآن بغير معانيها، انتزاع آيه، وإنهاء اليوم بدعاء كفَّارة المجلس وقول تصبحون على خير بدل بأمان الله، واعتذر على الإطالة.
الإجـــابة:
بِسْمِ الله الرَّحمَنِ الرَّحِيم
أقول -بارك الله في الجميع-: تعلمون أنَّ ما في أمر إلَّا وله خير وله شر، حتَّى نفسك فيها خير وفيها شر، حتَّى عملك فيه خير وفيه شر، فالموفَّق الذي يوفِّقه الله -عَزَّ وَجَلَّ- لاقتناص الخير والابتعاد عن الشَّر؛ ولذلك كان من دعاء النَّبي في خطبته خطبة الحاجة: « وَنَعُوْذُ بالله مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ».
وعن شَكَل بْنِ حُمَيْدٍ -رَضِيَ الله عَنْهُ- كما جاء عند أبي داوود أنَّه قَالَ: « أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي تَعَوُّذًا أَتَعَوَّذُ بِهِ، قَالَ: فَأَخَذَ بِكَتِفِي، فَقَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، ومِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي » فهذه أعضاء وجوارح في هذا الإنسان ومع ذلك العين فيها شر وفيها خير، الأُذن فيها شر وفيها خير، واللِّسان فيه شر وفيه خير، القلب، المني، اليد، الرِّجل، فمن وفَّقه الله كفاه شرَّ جوارحه وشرَّ أعضائه، وكفاه شر أبنائه، حتَّى بنيك فيهم خير وفيهم شر، ادعوا الله أنْ يرزقك خيرهم وأن يكفيك شرهم، حتَّى زوجتك فيها شر وفيها خير ادعوا الله أنْ يكفيك شرها ويرزقك خيرها، وكذلك عموم الأمور التي هي في حياتك، الدُّنيا فيها خير وفيها شر، المساكن، المراكب، المناكح، المطاعم، المشارب، إلى غير ذلك، ومنها هذه الأمور التي استجدَّت جديدًا هذه الوسائل التي سهَّلت على النَّاس التَّواصل عبر المواقع الفضائية من برامج التَّواصل الاجتماعي سواء الواتس، أو الفيس بوك، أو الفايبر وغيرها من هذه البرامج، مع أنَّ فيها خير، وفيها نفع وفوائد، إلَّا أنَّ أهل الخير يشتغلون وأهل الشَّر يشتغلون فيها، كما أنَّه يستغلِّوه أهل الخير كذلك أهل الشَّر، أهل الفسوق، أهل البدع الفجور، أهل البلاء والخنا أيضًا هم يستغلِّون هذه الأمور في شرِّهم، وفي ضلالهم، وفي بدعهم ومحدثاتهم، ووفَّق الله -عَزَّ وَجَلَّ- من أراد أنْ يوفِّقه لاستغلال هذه الوسائل في أمور الخير، في صلة الأرحام، في النَّصائح، في المواعظ، في تناقل الفوائد في مدارسة العلم، في مذاكرة العلم، في تناقل الفتاوى لأهل العلم، في التَّحذير من الشَّر، في التَّحذير من البدع، في سماع الخير العظيم ونحو ذلك من هذه الأمور؛ لكن أبى الشَّيطان إلَّا أنْ يكدِّر هذا الخير الذي هو في طريق أهل الخير، بأن يزيِّن لهم بعض الأمور التي يجعلهم يدأبون عليها ويداومون عليها فتحرفهم عن الخير الذي أُرِيدَ فيه من خلال هذه الأمور، فمنها ما ذكر أخونا السَّائل وفَّقنا الله وإياه وجميع المسلمين وخصوصًا المشرفين؛ لأنَّ فيها مشرفين وإدارات ونحو ذلك من هذه الأمور، منها أنَّهم يُذكِّرون بعضهم باستمرار بالعبادات: اليوم، غداً ستبدأ الأيام البيض احرصوا أخواني بارك الله فيكم، وتأتي البطائق المصورة والعبارات، وغدًا الخميس نصوم كذا، وغدا كذا، إلى آخر ذلك من هذه الأمور.
أذكار المساء: يأتي في المساء بأذكار المساء وفقكم الله، أذكار الصَّباح، صلاة الضُّحى إلى آخر ذلك، فهذا التزامه بصفة مستمرِّة، وصفة دائمة يخرجه عن المشروعية.
أمَّا التذكير بعموم الخير فالله -عَزَّ وَجَلَّ- يقول: ﴿وَذَكِّر فَإِنَّ الذِّكرى تَنفَعُ المُؤمِنينَ﴾ الذاريات: ٥٥، ﴿فَذَكِّر إِن نَفَعَتِ الذِّكرى* سَيَذَّكَّرُ مَن يَخشى﴾الأعلى: 10-9، ﴿فَذَكِّر إِنَّما أَنتَ مُذَكِّرٌ *لَستَ عَلَيهِم بِمُصَيطِرٍ﴾الغاشية:21-22 ، فاعتماد هذا الشَّيء والدَّيمومة عليه وإلى غير ذلك ما كان يفعله النَّبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ما كان النَّبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل يوم مثلًا: غدًا سيكون الثَّالث عشر يقف يعظ النَّاس ويذكِّر أصحابه انتبهوا -بارك الله فيكم- غدًا الأيام البيض الثَّالث عشر، الرَّابع عشر الخامس عشر؛ أو يأتي ليلة الخميس يعني يوم الأربعاء في اللَّيل غدًا الخميس أو غدًا الاثنين، أو غداً كذا أو كذا إلى غير ذلك، وإنَّما هو تذكير عام تذكير عام باستغلال الأوقات، تذكير عام بالمسابقة في العبادات، تذكير عام بالتَّنافس في الخير، تذكير عام بفضل الأعمال الصَّالحة في كُلِّ الأمور؛ وإذا جاء شيء مع الماشي أو هكذا من باب الشَّيء بالشَّيء يذكر هكذا فذكر خير، أو ذكر فضل شيء، أو نحو ذلك، أو كان الكلام على أمر معين، وقال غدًا سيكون كذا إن شاء الله لابأس.
فنرجوا من إخواني سواء المشتركين أو المشرفين الانتباه لمثل هذه الأمور؛ لأنَّ العلماء يقولون: “مَا أَمكَن فِعلُهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَان فَلَم يَفعَلُوهُ فَفِعلُهُ بِالنِّسبة لَنَا بِدعَة”، وقد قال الإمام مالك -رَحْمَةُ الله تَعَالَى عَلَيْهِ-: “وَمَالَم يَكُن يَومَئِذٍ دِينًا فَلَيْسَ اليَومَ بِدِين”، فتخصيص هذه الأمور والمداومة عليها يخرجها من المشروعية!!، نسأل الله السَّلامة والعافية.
وهكذا بعضهم تَعَوَّد على: هالو، و هلا، مرحبا من غير أن يبدأ بالتَّحية تحية أهل الإسلام السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ثُمَّ بعد أنْ يسلِّم ،ويلقي التَّحية،
ويلقي التحية؛ لأنَّ هذه المواقع والغُرف تعتبر مثل البيوت، تعتبر مثل البيوت تُستأذن، تسلم، السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، معك فلان؛ أحيانًا بعضهم يرسل سؤال أو يأتي بسلام، أو عنده شيء: السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته -قد رُبَّما يُسلِّم- عندي سؤال، لا تعرف من هو، ولا من أين ولا شيء!!!
فالأفضل -بارك الله فيكم- كما علَّمنا النَّبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آداب الاستئذان تُسلِّم، تُعرِّف عن نفسك سواء طُلِب منك أم لم يُطلب منك، عرِّف بنفسك أنت مباشرة، وإذا طُلِب منك عرِّف بنفسك والأفضل أنْ توفِّر:
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، معك فلان، من المكان الفلاني، عندي كذا، إلى آخر ذلك من هذه الآداب، ومن هذا التَّلطُّف، ومن هذه العبارات الجميلة، ومن هذا الكلام الطِّيب.
أيضًا بعد إلقاء التَّحية قل ما شئت، قل أسعد الله مساءكم، مساؤكم بالخير، مساؤكم جميل، مساؤكم طيِّب، نرجوا أنْ تكونوا في خير وعافية، المهم أنْ تؤدِّي تحية الإسلام، تلقي التَّحية: السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، و يردُّ عليك: وعليكم السَّلام ورحمة الله وبركاته، لست بحاجة إلى مثل هذه الذي تعودوا عليها.
وأيضًا السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته فيها أجر، فيحرص الشَّيطان على أنْ لا تكسب حسنات، السَّلام عليكم: عشر حسنات
ورحمة الله: عشرون حسنة
وبركاته: ثلاثون حسنة
أنت إذا قلت: السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ثلاثين حسنة.
إذا ردَّ عليك قال: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أنت تسبَّبت في أنْ يردَّ عليك فلك أجره، فأنت تكسب أجرك وأجر الذي تسبَّبت في أنْ يرد عليك السَّلام، فالدَّال على الخير كفاعله، فهذه أيضًا آداب شرعية، ابدأ بالتِّحية تحية أهل الإسلام، تحية أهل الإسلام.
وهكذا إذا وجدت آية تستخدمها في غير موضعها، اتق الله -عَزَّ وَجَلَّ-؛ لأنَّ هذا من أنْ تقول في كلام الله برأيك!!، أو حديث أو غير ذلك!!.
وأيضًا انتبه من الإرسالات التي في نهايتها ارسل هذا الخير لكذا…مافي!!، الأمور ما فيها إلزام!!، أنت أرسلت فائدة، والذي استلمها قد يُرسلها وقد ما يرسلها لا تلزمه، وبعضهم أيضًا الآن انتشرت خُرافات أنَّ رَجلًا رأى كذا، ومن نشر هذه الرِّسالة عبر هذه المواقع مواقع التَّواصل، وبرامج التَّواصل إلى عشرة من أصدقائه حصل له كذا، والذي ما يرسلها سيحصل له كذا !!، نفس الخرافات التي كانت تُوزَّع بالأوراق أنَّ فلان رأى و رأى والنَّبي قال له كذا.. وحصل له كذا…و من ذلك كذا…!!،اطبعها ووزِّعها على عشرة، فإنَّ واحد طبعها ووزَّعها على مائة ووزَّعها فحصل له مال، وحصل له ترقية، وواحد أعرض عنها فقد مدري أيش ومدري أيش…!! فهذا كُلَّه من الخرافات انتقلت من الأوراق إلى الجوالات!!.
كذلك أيضًا تأكَّد من الحديث إذا أُرسِل، من الفائدة إذا أُرسِلت، من الذي أرسلها؟ القول قول من؟! ابتعد عن الأشياء المجهولة، وما كان من الحِكم والعبارات الجميلة فهذا أمر مباح.
وكذلك أيضًا من هذه الأخطاء إنهاء اليوم بدعاء كفَّارة المجلس، يعني يقول: إلى هُنا سبحانك اللَّهُم وبحمدك أشهد أنَّ لا إله إلَّا أنت أستغفرك وأتوب إليك!!، لا، كما دخلت بسلام، إذا أردت أنْ تستأذن وتنصرف من هذه المحادثه: استئذنك، السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ليست الأولى بأحق من الآخرة أو كما قال النَّبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ أمَّا اعتباره مجلس أو كذا أو نحو ذلك سبحانك اللَّهُم وبحمدك أشهد أنَّ لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك فهذا يحتاج إلى دليل، يحتاج إلى دليل.
وهكذا تصبحون على خير، وتمسون على خير، كذا الدُّعاء عوِّد نفسك على أنْ تستغل كلماتك بالدُّعاء حاول تدعو لنفسك، تدعو لإخوانك، استأذن -بارك الله فيكم- السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أسأل الله أن نلقاكم على خير، أسأل الله -عَزَّ وَجَلَّ- لنا ولكم العافية، إلى غير ذلك، فهذه الأمور يتنبَّه لها إخواننا و يطوِّعونها في الخير، وينشرونها في الخير، ويُصفُّون هذا الخير، و يُغربلونه من هذه الأخطاء وهذه المستجدَّات والأُمور التي تَطرأ على النَّاس؛ لأنَّ كُلَّ عمل قد يحصل له أخطاء ويشوبه أخطاء وتأتي بدع خاصة به، ومحدثات خاصة به، كما هو الحال على واقع النَّاس ومراسلاتهم، وعادتهم، و أمورهم التي يعيشونها على الواقع، فكذلك أيضًا هذه حياة، يعني أقصد هذه التَّواصل عبر الجوالات وكذا، هذه حياة، تعتبر حياة فضائية يعني يتواصل النَّاس ويتعارفون، ويجتمعون كذا..، كذا..، هذا من كذا..، وهذا من كذا…، فاحرصوا -بارك الله فيكم- سواء في حياتكم الواقعية العملية الذين تلقونه وتقابلونه، أو الذين تراسلونه وتتحدَّثون معه على أنْ تكون موافقة لهدي رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فكُلنا نطلب سُنَّة رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
أسأل الله -عَزَّ وَجَلَّ- أنْ يوفِّقنا وإياكم لما يحب ويرضى، وأنْ يصرف عنَّا وعن بلادنا وعن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن، وصَلَّى الله وسَلَّمَ عَلَى مُحَمِّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.