سائل يسأل عن كروية الأرض
الجواب
أقول وبالله التوفيق: هذا الكلام موجود في كتب المتقدمين والمتأخرين مسألة كروية الأرض، قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله :《 الأرض كروية بدلالة القرآن والواقع وكلام أهل العلم، أما دلالة القرآن فإن الله تعالى يقول: (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ) والتكوير جعل الشيء كالكور مثل كور العمامة، ومن المعلوم أن الليل والنهار يتعاقبان على الأرض وهذا يقتضي أن تكون الأرض كروية، لأنك إذا كورت شيئا على شيء وكانت الأرض هي التي يتكور عليها هذا الأمر لزم أن تكون الأرض التي يتكور عليها هذا الشيء كروية، وأما دلالة الواقع فإن هذا قد ثبت، فإن الرجل إذا طار من جدة مثلا متجها إلى الغرب خرج إلى جدة من الناحية الشرقية إذا كان على خط مستقيم وهذا شيء لا يختلف فيه إثنان، وأما كلام أهل العلم فإنهم ذكروا أنه لو مات رجل بالمشرق عند غروب الشمس ومات آخر بالمغرب عند غروب الشمس وبينهما مسافة فإن من مات بالمغرب عند غروب الشمس يرث من مات بالمشرق عند غروب الشمس إذا كان من ورثته، فدل هذا على أن الأرض كروية، لأنها إذا كانت الأرض سطحية لزم أن يكون غروب الشمس عندها من جميع الجهات في آن واحد وغروب الشمس عنها من جميع الجهات في آن واحد، وإذا تقرر ذلك فإنه لا يمكن لأحد إنكاره، ولا يشكل على هذا قوله تعالى: ( أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) ) لأن الأرض كبيرة الحجم وظهور كرويتها لا يكون في المسافات القريبة، فهي بحسب النظر مسطحة سطحاً لاتجد فيه شيئا يوجب القلق على السكون عليها، ولا ينافي ذلك أن تكون كروية لأن جسمها كبير جدا، ولكن مع هذا ذكروا أنها ليست كروية متساوية الأطراف بل إنها منبعجة نحو الشمال والجنوب، فهم يقولون أنها بيضاوية أي على شكل البيضة في انبعاجها شمالا وجنوبا》
ذكر هذا الكلام في فتاواه من نور على الدرب
و هذا يفيد أن الأرض كروية، وقد نقل شيخ الإسلام إبن تيمية رحمه الله تعالى الإجماع على كروية الأرض، نقله عن ابن المنادي ونقله عن ابن حزم ونقله عن ابن الجوزي، أي أن هؤلاء كلهم نقلوا الإجماع على أن الأرض كروية.
والحمد لله الأمور مسلم بها في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ينبغي إكثار الجدل حول هذه الأمور، فالمسلم ينظر في التفكر في خلق الله سبحانه وتعالى، وبديع خلق الله سبحانه وتعالى كما قال الله عزوحل: ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) )
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا مزيدا إلى يوم الدين